الإنسان “دِبَخْشِيٌّ” بطبعه

 تعليقا على حادثة “البيليكي والدبخشي” التي كان بطلَها السيد إدريس الأزمي في البرلمان المغربي، ودون مجاملة أحد، ابتداء بالنائب المحترم وانتهاء بالقارئ الكريم؛ يمكن القول إن “البيليكي والديبخشي” لم يكونا مجرد زلة لسان، بسبب غضب فلان أو علان، تحت قبة البرلمان، ولا حتى زوبعة في فنجان، فَداءُ العطب قديم قِدَمَ الإنسان، ونحن مجتمع ديبخشي بامتياز، ولو بدرجات متفاوتة، فلكلٍّ نصيبه، قلّ أو كثر، من الديبخشي، دما، أو مالا، أو عرضا، أو جميعها… ومن لم يُصِب من ذلك شيئا، فإنه يُمَنِّي النفس بأكثر مما أصاب غيرُه، وما ينقصه هو الظروف المناسبة، والمنصب المناسب الذي يسمح له بإيجاد التخريجة القانونية (زيادة على تخراج الجبهة والعينين) الموصلة إلى “جني ثمار المُلْك” كما سماه ابن خلدون.


وإذا كان ابن خلدون يعتبر أن “الإنسان مدني/اجتماعي بطبعه”، فإنه قد وضّح أن ذلك الاجتماع هدفه هو تقسيم الأعمال بين أفراد المجتمع حتى تزيد قيمتها (أي الأعمال)، غير أن تلك الزيادة كانت تنعكس على مختلف الأفراد داخل العمران البشري، عكس ما نحن عليه اليوم في مجتمع خَرِبٍ لا تجمعه إلا المصالح الضيقة، والنزعة الفردانية… أي أننا، في النهاية، أمام مقولة أخرى أكثر واقعية هي: “الإنسان دِبَخْشِيٌّ بطبعه”.


وبناء على “الطبيعة الديبخشية” للإنسان ضد أخيه الإنسان، فإنه لا يسعنا إلا القول: عندما نغير ما بأنفسنا، ونحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا، ونتوقف عن إصدار الأحكام المسبقة “البيليكية” ضد أبناء هذا الوطن الغيورين عليه، والذين يطالبون بحقهم في العيش الكريم، وفي تقليص الفوارق الكبيرة بين الأجور والمعاشات، سيُوجه الله بوصلاتنا إلى اختيار المسؤولين الذين يخافونه فينا ويرحموننا، بل ويؤثروننا، إن لزم الأمر، على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ولا يستفردون بالكعكة، بينما نحن يُتخموننا في الحملات الانتخابية بِـ “الوعود البيليكية”، وحتى ذلك الحين سيبقى “الديبخشي” سيد “المُوقفْ” يتحكم في مصير العمال والموظفين، وأجورهم، ومعاشاتهم، مُطبِّقا بذلك المثل الشعبي (وليس الشعبوي) “خدم يا التاعس من سعد الناعس”.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

توضيح بخصوص رأي الشيخ الشعراوي والكيالي حول عذاب القبر

لا تضعوا كل الكرات الأرضية في سلة واحدة

سد يأجوج ومأجوج في القرآن وحقيقة الأرض المجوفة