بشكل عجيب تلخص قصة سيدنا موسى مع العبد الصالح (الخضر) عليهما السلام، والتي وردت في سورة الكهف، كل أصناف الأحداث التي يمكن أن يعيشها الإنسان، لكن كيف ذلك؟!
ينقسم ما يتعرض له الإنسان، وما كان يمكن أن يتعرض له، في حياته إلى 4 أنواع وهي:
1- شر لا يصيبه.
2- شر يصيبه.
3- خير لا يصيبه.
4- خير يصيبه.
لكن الإنسان دائما ما يجمع الخير الذي لا يصيبه في خانة الشر الذي يصيبه، باعتباره يتأذى من الأمرين معا، وعليه تبقى لدينا 3 أنواع فقط وهي:
1- شر لا يصيبه.
2- شر يصيبه.
3- خير يصيبه.
وهنا نلاحظ أن هذه الأصناف الثلاثة هي بعدد المحطات الثلاث التي مر منها سيدنا موسى مع العبد الصالح عليهما السلام، وذلك كالآتي:
1- قصتهما مع السفينة التي كانت لمساكين يعملون في البحر، تؤكد أن الشر الذي كتب الله عز وجل ألا يصيبك، فهو لن يصيبك أبدا، ولو اجتمعت الإنس والجن ما استطاعوا ضرك.
2- قصتهما مع الغلام الذي كان سيرهق والديه المؤمنين طغيانا وكفرا، تؤكد أن ما يصيبك من شر إن صبرت عليه فستكون عاقبته خيرا إن شاء الله، لذا عليك أن تحسن الظن بالله سبحانه وتعالى دائما فيما يصيبك من شر. (وهنا إذا أردنا تفريع هذا الشر إلى فرعيه السابقين، فسنجد أن أبوي الغلام منع الله عنهما خيرا وهو الحصول على الولد، لكن في الحقيقة منع ذلك هو عين الخير، أما الغلام فأصابه شر الموت، لكن في الحقيقة هو عين الخير بالنسبة له، فإنه مات دون أن يرتكب ذلك الطغيان والكفر).
3- قصتهما مع الجدار الذي كان لغلامين في المدينة وكان تحته كنز لهما، تؤكد أن ما كتبه الله عز وجل لك من خير لن يذهب لغيرك مهما طال الزمن، وأضناك الانتظار، فاطمئن وثق بربك سبحانه وتعالى، فإن له حكمة في كل شيء. هذا والله أعلى وأعلم.
وفيما يلي الآيات التي تتحدث عن القصة لمن أراد أن يطلع عليها:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا (64) فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا (74) ۞ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا (76) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (82)} [الكهف : 60-82]