إذا كان النجاح هو أن تقوم بما لا تحب القيام به حتى ترضي الآخرين، أو أن تنجح رغم ظروفك التي تمنعك من ذلك، أو أن يكون نجاحك حسب معاييرهم هم للنجاح، ونظرتهم الضيقة للحياة؛ فخير من هذا النجاح الفشل.
الفشل ليس طامة كبرى أو نهاية لطموحك كإنسان، بل هو أرضية تستند عليها بشرط ألا تتأثر بها، حتى تستطيع الإقلاع منها من جديد بعد كل سقوط، فالأشخاص الذين تعودوا على البدء من نقطة الصفر، والاعتماد على أنفسهم، هم أكثر الناس صلابة وتصميما واستمرارا بعد تقلبات أحوال الحياة والواقع التي تعصف بهم.
كما أن قبول أن تكون فاشلا ليس معناه ألا تسعى إلى النجاح، بل هو الإقرار بأنك لم تحقق شيئا في حياتك، وأنك وصلت إلى الطريق المسدود، لأن هذا هو ما سيجعلك توفر طاقتك فلا تستنزفها في وسائل أثبتت تجاربك أنها غير مجدية، فتجرب طرقا وبدائل أخرى أكثر نجاعة.
على أنه إذا كان الفشل يعني ضياع بعض جهودك عبثا، فإن الاقتناع به وتقبله سيجعلك توفر عناء تبرير هذا الفشل للآخرين، ذاك أن التبرير هو ما سيستنزفك أكثر، وبخاصة إذا حاولت أن تُنَكِّر "فشلك" ليبدو نجاحا في نظرهم، لأن رضاهم التام عنك لا يمكن أن يحدث أبدا إلا إذا غيرت معاييرهم التي يصدرون أحكامهم على أساسها، وأنى لك هذا، أو إذا صرت نسخة منهم طبق الأصل بدون قيمة مضافة.
إن وجود أشخاص يحكمون عليك بالفشل لا يعني أنهم يريدونك أن تكون ناجحا مثلهم أو أكثر منهم، بل يعني أن هؤلاء قد فشلوا في تحقيق أشياء كثيرة لا يحدثونك عنها، لذلك يحتاجون في كل لحظة أن يُذكِّروا أنفسهم أنهم أفضل من غيرهم، فلا تأبه لهم واتركهم يتجرعون مرارة شعورهم بالنقص لوحدهم.
أما عن كيفية تجاهل أحكام من يتخذون من فشل الناس مطية لإظهار نجاحاتهم، ، فتخيل نفسك في حوار مع أحدهم كالآتي: – أنت فاشل. – (برهة صمت) هل قلتَ أنا فاشل؟ ما الجديد في هذا، ألا تعلم أن الفشل هو ما كنت أريده وأبحث عنه؟! إذن ابتعد عني واتركني أبحث عن نجاحاتي الخاصة، فأن أبدو في نظرك فاشلا دليل قاطع أني أستثمر جهدي في أولويات لا تراها أنت ضرورية، فأفكارنا مختلفة ومتناقضة، ولا يمكن أن أنجح فيما تريد أنت وفيما أريد أنا في نفس الوقت. بل حتى نَظْرَتَانا للأولويات مختلفة؛ ففي كثير من المرات يكون أولى الأولويات أن يبقى الإنسان على قيد الحياة… هدف تافه في نظرك أليس كذلك؟! وهل تعتقد أن الحياة أمر هين؟! إذا لم تكن مقتنعا جرب ذلك، لكن لا تنس نزع ملاعق الذهب التي ولدت وهي في فمك.
إن أكبر الفشل أن ترى الفشل فشلا، فهو حتى وإن كان مُحبِطا، إلا أن كونك فشلت يعني أنك لا زلت على قيد الحياة، وهذا أول نجاح يجب أن تنطلق منه، وهو دليل على أنك قد قمت ببذل مجهودات ومحاولات لها قيمة، حتى وإن أدت إلى نتائج غير مرغوب فيها، وقد قال بعض من فهموا هذه الحقيقة” الأشخاص الذين لا يحاولون أبدا هم وحدهم الذين لا يخطئون”، لذلك واجه من قال لك “أنت فاشل” بعبارة: “أنا فاشل إذن أنا موجود!!” ليس بالضرورة بلسان مقالك، بل بلسان حالك.