لماذا سيرزقك الله من حيث لا تحتسب؟!

يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} /سورة الطلاق.

قد يبدو من ظاهر هذه الآية الكريمة أنها تدعو إلى تعطيل الأسباب، وهذا غير صحيح لأن القرآن الكريم دائما حث على الأخذ بالأسباب والتماس الرزق وبذل المجهود له. لكن الله عز وجل يعلم أن الإنسان من طبعه الغفلة عن مولاه، وكثيرا ما يعول على جهده والأسباب التي يعتقد أنه يسيطر عليها، فلا يلجأ إلى الله عز وجل إلا حينما تنقطع به حبال الأسباب، وينقطع رجاؤه.

وبناء على ما سبق فإنه من غير المنطقي أن يحدثه الله سبحانه وتعالى عن الأخذ بالأسباب الدنيوية في هذه الظرفية العصيبة، فيحيله بذلك إلى نفس الطرق المسدودة التي عاد منها خائبا، لأن هذا سيؤدي إلى تحميله ما لاطاقة له به، ويجعله يعتقد أن سبب مشاكله هو أنه لا يبذل جهدا لحلها فيبذل مزيدا من الجهد دون جدوى، إذ أن هناك مشاكل كثيرة تكون خارج إرادة الإنسان.

أي أن الله جل وعلا قد فتح للمهمومين باب الأمل في كون مشاكلهم لها حلول حتى وإن لم يكونوا يرونها، وهذا يعطيهم نوعا من الطمأنينة، في انتظار أن يدبر لهم مولاهم شيئا من خارج تدبيرهم وكدهم، يجعل تعبهم لا يذهب هباء، فكم من أسباب دنيوية معلقة بأسباب السماء.

عبد اللطيف المجدوبي
عبد اللطيف المجدوبي